إلى السماجة، (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) أضرب عن الإنكار إلى الإخبار عنهم بالحال التي توجب ارتكاب القبائح وتدعوا إلى اتباع الشهوات، وهو أنهم قومٌ عادتهم الإسراف وتجاوز الحدود في كل شيء، فمن ثم أسرفوا في باب قضاء الشهوة، حتى تجاوزوا المعتاد إلى غير المعتاد، ونحوه: (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ) [الشعراء: 166].
(وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا) يعني: ما أجابوه بما يكون جواباً عما كلمهم به لوطٌ عليه السلام؛ من إنكار الفاحشة، وتعظيم أمرها، ووسمهم بسمة الإسراف الذي هو أصل الشر كله، .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الولد، وتكثير النسل، وذريعة إلى التعفف والتخلي للعبادة، كان محموداً.
فإذا قدر أنها حال، كان المطلوب مجرد الذم، والجري على الطبيعة. ولهذا قال: "تابعين الشهوة، غير ملفتتين إلى السماجة".
وإذا قدر أنها مفعول له، يعود معناه إلى تقبيح توخي قلب الحكمة، لأن الحكمة في وضعها: أن تكون ذريعة إلى بقاء النوع، وتكثير النسل، ووسيلةً إلى التعفف، والتخلي للعبادة. فإذا جعل الغرض الأصلي هو الشهوة، كان أسمج وأقبح من طلب مجرد الشهوة. ولذلك قال: "ولا ذم أعظم منه".
وقيل: قوله: "لأنه وصف لهم بالبهمية" يوهم ألا يكون على الحال وصفاً، وليس كذلك.
وأجيب: بأن المراد - على الأول - أنهم جمعوا بين الوصف بالبهمية، والوصف بأنه "لا داعي لهم من جهة العقل البتة" بخلاف الثاني، فإنه ساكت عن القصد وعدمه.