فإن قلت: ما موقع هذه الجملة؟ قلت: هي جملةٌ مستأنفة، أنكر عليهم أوّلاً بقوله: (أَتَاتُونَ الْفاحِشَةَ)، ثم وبخهم عليها فقال: أنتم أوّل من عملها.
أو على أنه جواب لسؤالٍ مقدّر، كأنهم قالوا: لم لا نأتيها؟ فقال: (ما سبقكم بها أحدٍ)، فلا تفعلوا ما لم تسبقوا به.
(إِنَّكُمْ لَتَاتُونَ الرِّجالَ) بيانٌ لقوله: (أتأتون الفاحشة)، والهمزة مثلها في (أَتَاتُونَ) للإنكار والتعظيم. وقرئ: (إنكم) على الإخبار المستأنف. (لتأتون الرجال)، من: أتى المرأة؛ إذا غشيها.
(شَهْوَةً) مفعولٌ له، أي: للاشتهاء لا حامل لكم عليه إلا مجرّد الشهوة من غير داع آخر، ولا ذم أعظم منه، لأنه وصفٌ لهم بالبهيمية، أنه لا داعي لهم من جهة العقل البتة كطلب النسل ونحوه، أو حالٌ بمعنى مشتهين تابعين للشهوة غير ملتفتين ......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هي جملة مستأنفة) أي: مبتدأة، مؤكدة لمعنى الإنكار، على سبيل التتميم والمبالغة فيه. أي: ما كفاكم ارتكاب هذه الفاحشة، حتى كنتم مقتدين فيها؟ كقولها:
وإن صخراً لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار
وإنما قلنا: مبتدأة، ليعلم أن معنى قوله: "مستأنفة" وارد على اللغة لا على الاصطلاح، لقوله بعد ذلك: "أو على أنه جواب لسؤال مقدر"، وذلك هو المستأنفة المصطلحة.
قوله: (وقرئ: (إنكم) على الإخبار): نافع وحفص.
قوله: (أو حال بمعنى: مشتهين): وفرق بين أن يكون (شهوةً) حالاً، وبين أن يكون مفعولاً له؛ وذلك أن قضاء الشهوة في نفسه مسترذل سمج، لكن إذا جعل وسيلة إلى طلب