إذا نظروا إلى أصحاب الجنة نادوهم بالتسليم عليهم، (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ) ورأوا ما هم فيه من العذاب استعاذوا بالله، وفزعوا إلى رحمته أن لا يجعلهم معهم.

ونادراً رجالاً من رؤوس الكفرة يقولون لهم: (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ) إشارةً لهم إلى أهل الجنة، الذين كان الرؤساء يستهينون بهم ويحتقرونهم لفقرهم وقلة حظوظهم من الدنيا، وكانوا يقسمون: أن الله لا يدخلهم الجنة (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) يقال لأصحاب الأعراف: (ادخلوا الجنة)، وذلك بعد أن يحبسوا على الأعراف وينظروا إلى الفريقين، ويعرفوهم بسيماهم، ويقولوا ما يقولون. وفائدة ذلك: بيان أن الجزاء على قدر الأعمال، وأن التقدّم والتأخر على حسبها، وأن أحداً لا بسبق عند الله إلا بسبقه في العمل، ولا يتخلف عنده إلا بتخلفه فيه، وليرغب السامعون في حال السابقين، ... ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (إذا نظروا إلى أصحاب الجنة نادوهم)، إشارة إلى أن قوله: (ونادوا أصحاب الجنة) [الأعراف: 46] جزاء شرطٍ محذوف، لدلالة قوله: (وإذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ). وكلاهما كالتفصيل لقوله: (يعرفون كلا بسيماهم) [الأعراف: 46].

وإنما قدر: "نظروا" دون (صرفت) للمقابلة، ليؤذن بأن النظر إلى أصحاب الجنة وجد منهم على الرغبة، وميل النفس، وإلى أصحاب النار بخلافه. وإلى هذا المعنى أشار بقوله: "وفيه أن صارفاً يصرف أبصارهم".

قوله: (ونادوا رجالاً من رؤوس الكفرة، يقولون لهم: (أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ))، وفي التنزيل: (ونَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُم قَالُوا مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ ومَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015