. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والذي يقتضيه النظم ما ذهب إليه المصنف، فإنه تعالى بعد أن ذكر الفريقين: أصحاب الجنة، وأصحاب النار، أتى بمقاولاتهم ومناظراتهم، وما جرى بينهم، فقال أولاً: (ونَادَى أَصْحَابُ الجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وجَدْنَا مَا وعَدَنَا رَبُّنَا حَقًا) [الأعراف: 44].
ثم حكى نداء أصحاب النار أصحاب الجنة، بقوله: (ونَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ المَاءِ) [الأعراف: 50]. فوسط بين المقالتين ذكر قوم توسطت حالهم بين حاليهما في المكان والمقام:
أما المكان فقوله: (وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال). وأما المقام فهو الخوف والرجاء، فقد أشار إليه بقوله تعالى: (لم يدخلوها وهم يطمعون)، وقوله: (لا تجعلنا مع القوم الظالمين).
ويؤيد هذا التقسيم قوله تعالى في التوبة: (وآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ إمَّا يُعَذِّبُهُمْ وإمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) [التوبة: 106] بعد ذكر الفريقين من أهل الثواب والعقاب.
وإليه الإشارة بقوله: (كأنهم المرجون". وإنما لم يجزم لاختلاف المفسرين.
وقوله: "يعرفون كلا من زمرة السعداء والأشقياء بسيماهم"، الراغب: "المعرفة والعرفان: إدراك الشيء بتفكر وتدبر لأثره، فهو أخص من العلم، يقال: فلان يعرف الله، ولا يقال: يعلم الله، متعدياً إلى مفعول واحد، لما كان معرفة البشر لله تعالى هي بتدبر آثاره دون إدراك ذاته، ويقال: الله يعلم، ولا يقال: يعرف، لأن المعرفة تستعمل في العلم القاصر المتوصل إليه بتفكر، وأصله من عرفت، أي: أصبت عرفه، أي: رائحته، أو من أصبت عرفه، أي: خده، قال تعالى: (تعرفهم بسيماهم)، ويضاد المعرفة الإنكار، كالعلم الجهل، قال تعالى: (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا)، (فَعَرَفَهُمْ وهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ)، والعارف في تعارف القوم: هو المختص بمعرفة الله تعالى، ومعرفة ملكوته، وحسن معاملته لله تعالى".