وطريقة هذا الأمر طريقة قوله (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) [فصلت: 40]، وهي التخلية، والتسجيل على المأمور بأنه لا يأتي منه إلا الشر، فكأنه مأمور به وهو واجب عليه حتم ليس له أن يتفصى عنه ويعمل بخلافه.
فإن قلت: ما موضع (مَنْ)؟ قلت: الرفع إذا كان بمعنى «أي»، وعلق عنه فعل العلم. أو النصب إذا كان بمعنى «الذي».
و(عاقِبَةُ الدَّارِ): العاقبة الحسنى التي خلق الله تعالى هذه الدار لها.
وهذا طريقٌ من الإنذار لطيف المسلك،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (العاقبة الحسنى التي خلق الله هذه الدار لها) تفسيره ما ذكره في "القصص": "أن الله وضع الدنيا مجازاً إلى الآخرة، وأراد بعباده ألا يعملوا فيها إلا الخير، ليتلقوا خاتمة الخير، ومن عمل خلاف ما وضعه الله تعالى فقد حرف، فإذاً عاقبتها الأصلية هي الخير، وأما عاقبة الشر فلا اعتداد بها، لأنها من نتائج تحريف الفجار" هذا بناءً على مذهبه.
والحق أن (عاقبة الدار) كناية عن خاتمة الخير، فكأنه قيل: من يكون له عاقبة الخير، سواء كان الظفر في الدنيا، كما قال الإمام: "العاقبة تكون على الكافر ولا تكون له. كما يقال: لهم الكرة، ولهم الظفر. وفي ضده: عليهم الكرة، وعليهم الظفر"، أو الجنة في العقبى، كما قال محيي السنة: " (عاقبة الدار): الجنة".
قوله: (وهذا طريق من الإنذار لطيف المسلك) يريد أن تعقيب قوله: (إنَّهُ لا يُفْلِحُ