ومعنى الاستعلاء في قوله: (عَلى هُدىً) مثل لتمكنهم من الهدى، واستقرارهم عليه، وتمسكهم به. شبهت حالهم بحال من اعتلى الشيء وركبه. ونحوه: هو على الحق وعلى الباطل. وقد صرّحوا بذلك في قولهم: جعل الغواية مركباً،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أعرضت، أي: ظهرت واستبانت. قاتر: واقٍ لا يعقر ظهر الفرس، وحسنى: مصدر بمعنى حسنٍ، مثل بُشرى بمعنى بشارة، وقيل: هو اسمٌ من الإحسان.

يقول: لله در فقيرٍ يواثب همته ويمضي مقدماً على الدهر، والحال أنه فتى طلباتٍ يتجدد طلبه كل ساعة، والدهر يسعف بمطلوبه بجده ورشده، ولا يرى الجوع شدةً، ولا الشبع غنيمةً، لعلو همته، فمثله إن يهلك فحسنٌ ثناؤه، وإن يعِشْ يعِشْ ممدوحاً معززاً.

قوله: (مثلٌ لتمكنهم) أي: هو استعارةٌ تمثيليةٌ واقعةٌ على سبيل التبعية، يدل عليه قوله: "شُبهت حالهم": وتقريره أن يُقال: شبهت حالهم وهي تمكنهم من الهدى واستقرارهم عليه، وتمسكهم به، بحال من اعتلى الشيء وركبه، ثم استعير للحالة التي هي المشبه المتروك كلمة الاستعلاء المستعملة في المشبه به.

ويدلك على أن الاستعارة التبعية تمثيليةٌ الاستقراء، وبه يشعر قول صاحب "المفتاح" في استعارة لعل: فتشبه حال المكلف وكيت وكيت بحال المرتجي المخير إلى آخره. وليكن هذا المعنى على ذكر منك لينبهك على أن أحد وجهي المجاز في (خَتَمَ اللهُ) [البقرة: 7] من الاستعارة والتمثيل على هذا.

قوله: (وقد صرحوا بذلك) أي: بإرادتهم معنى الاستعلاء والركوب فيما يُشبه الآية، وقولهم: "هو على الحق وعلى الباطل" من قولهم: "جعل الغواية مركباً" أي: كالمركب، فهو من التشبيه. وقالوا: "امتطى الجهل" أي: اتخذ الجهل مطيةً، وهو أيضاً تشبيه، وأما قوله: "واقتعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015