أي: ذلكم الجامع لهذه الصفات، (فَاعْبُدُوهُ) مسببٌ عن مضمون الجملة، على معنى: أن من استجمعت له هذه الصفات كان هو الحقيق بالعبادة، فاعبدوه ولا تعبدوا من دونه من بعض خلقه. ثم قال: (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) يعني: وهو مع تلك الصفات مالكٌ لكل شيءٍ من الأرزاق والآجال، رقيب على الأعمال.
[(لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)].
البصر: هو الجوهر اللطيف الذي ركبه الله في حاسة النظر، به تدرك المبصرات، فالمعنى: أن الأبصار لا تتعلق به ولا تدركه، لأنه متعالٍ أن يكون مبصراً في ذاته، .........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أي: ذلكم الجامع لهذه الصفات): إشارة إلى الصفات السابقة، وقوله: (فَاعْبُدُوهُ): حكم ترتب على تلك الأوصاف، وهي علة مناسبة له، فحيث وجدت وجد، وحيث فقدت فقد، ولهذا قال: "فاعبدوه ولا تعبدوا من دونه من بعض خلقه"، خص "البعض" لأن الكلام في الملائكة والجن، لقوله: (وجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الجِنَّ) [الأنعام: 100]. وقوله: (وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وكِيلٌ): تتميم للصفات، أو تكميل لأمر العبادة، فقوله: "وهو، مع تلك الصفات، مالك لكل شيءٍ من الأرزاق والآجال، رقيب على الأعمال" يحتملهما، أي: هو الحقيق بالعبادة، لأنه المنزه عن النقائص، والمنفرد بالإلهية، والمختص بالخالقية، ومع ذلك متكفل لأرزاق العباد، رقيب على أعمالهم، بيده آجالهم وسائر ما يرتفقون، ويحتاجون إليه، فلم لا يخصونه بالعبادة؟ !
قوله: (أن الأبصار لا تتعلق به ولا تدركه): رد على أهل السنة، لأنه يفيد أن الأبصار لا تتعلق به لا بالإحاطة ولا بغير الإحاطة، لأن أهل السنة قالوا بالثاني دون الأول.