(وَخَرَقُوا لَهُ): وخلقوا له، أي: افتعلوا له، (بَنِينَ وَبَناتٍ) وهو قول أهل الكتابين في المسيح وعُزير، وقول قريشٍ في الملائكة يقال: خلق الإفك وخرقه، واختلقه واخترقه، بمعنىً. وسئل الحسن عنه، فقال: كلمةٌ عربيةٌ كانت العرب تقولها: كان الرجلُ إذا كذب كذبةً في نادي القوم يقول له بعضهم: قد خرقها والله.
ويجوز أن يكون من: خرق الثوب؛ إذا شقه، أي: اشتقوا له بنين وبناتٍ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: وما أحسن موقع قوله: (إنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) خاتمة لتلك الآيات الباهرات، وتخلصاً إلى هذا التقريع، وتعريضاً بالمشركين! ومن حق التقريع أن يجعل: (وَخَرَقُوا): من خرق الثوب، لينبه على التباين الشديد بين طرفي الإفراط والتفريط.
ويؤيد العموم عطف قوله: (وخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وبَنَاتٍ)، لأن القائلين بالبنين: اليهود والنصارى، وبالبنات: المشركون. يعني: جمع من مال من الدين الحنيف بين هاتين العظيمتين، فوزان المعطوف عليه كله وزان قوله: (اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ) [الإخلاص: 1 - 2]، ووزان قوله: (لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ * ولَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص: 3 - 4]، وزان قوله: (وجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الجِنَّ). ووزان قوله: (لَم يَلِدْ) وزان قوله: (وخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ).
(الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا ومَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) [الأعراف: 43].
قوله: (اشتقوا له بنين)، النهاية: "وفي الحديث: "النساء شقائق الرجال"، أي: نظائرهم