. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقلت: الذي عليه النظم: الوجه الثاني، لما علم من قوله: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ) هذا المعنى: أي: "خلق الجاعلين لله شركاء"، فالواجب أن يحمل على معنى زائد، لكن يجب تفسير الآية بما ذكره من قوله: "والمعنى: أشركوهم في عبادته"، ليعم جميع من اتخذ شريكاً لله عز وجل من المجوس وغيرهم، وجميع من جعلوه شركاء لله، من الملائكة والجن وأهرمن، لأن السورة إلى سياقها في شأن مشركي مكة، واختصاصها بالمجوس، مما يخرم النظم.

وأما بيان النظم فإن الآيات من لدن قوله: (فَالِقُ الحَبِّ والنَّوَى) إلى خاتمة (ذلكم الله ربكم) [الأنعام: 95 - 102] كالتفسير لسورة الإخلاص، والتفصيل لمجملها، وإن قوله: (وجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الجِنَّ): عطف على الجمل السابقة من قوله: (إنَّ اللَّهَ فَالِقُ الحَبِّ والنَّوَى) من باب حصول مضمون الجملتين، على منوال ما سبق في فاتحة السورة التي هي كبراعة الاستهلال. يعني حصل من الله - عز شأنه، وجل سلطانه - تلك النعم العظمى، والآيات الباهرات، ليعبد ويوحد، وحصل من بني آدم ما ينافيه ويناقضه.

نحوه ما رواه المصنف: "إني والجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري! ". وعلى هذا المنوال نسج المصنف في قوله تعالى: (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ) [الرعد: 16] حيث قال: "أبعد أن علمتموه رب السموات والأرض اتخذتم من دونه أولياء، فجعلتم ما كان يجب أن يكون سبب التوحيد، من علمكم وإقراركم، سبب الإشراك؟ ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015