ولأنّ النخلة وإن كانت صغيرة ينالها القاعد فإنها تأتى بالثمر لا تنتظر الطول.

وقال الحسن: (دانيةٌ): قريبٌ بعضها من بعض. وقيل: ذكر القريبة وترك ذكر البعيدة، لأنّ النعمة فيها أظهر، أو: دلّ بذكر القريبة على ذكر البعيدة، كقوله: (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل: 81].

وقوله: (وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) فيه وجهان: أحدهما: أن يراد: وثم جناتٌ من أعناب، أي: مع النخل. والثاني: أن يعطف على (قِنْوانٌ)؛ على معنى: وحاصلةٌ- أو: ومخرجةٌ- من النخل قنوانٌ وجناتٌ من أعناب، أي: من نبات أعناب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ولأن النخلة) معطوف على قوله: "سهلة المجتنى" من حيث المعنى، كأنه قال: إنما قال تعالى: (دَاِنِيَةٌ)، لأن النخلة سهلة المجتني، ولأن النخلة كذا، والأولى عطفه على "كالشيء الداني"، لأن "الداني"، على هذا الوجه يراد به القريب حقيقة، وفي الأول المراد: المشابه بالشيء القريب، ولهذا قال: "كالشيء الداني".

قوله: (فإنها تأتي بالثمر): خبر "أن"، على قول من يجوز إدخال الفاء في الخبر مطلقاً، والشرط تأكيد، ويمكن أن يقال: إن الفاء جواب الشرط، وخبر "أن" محذوف بدلالة السياق، والشرط المذكور عطف عليه، والتقدير: لأن النخلة، إن كانت كبيرةً لا ينالها القاعد، فإنها سهلة المجتنى، وإن كانت صغيرة، فكيت وكيت. والأول أظهر من حيث المعنى؛ لأن أصل الكلام: ولأن النخلة تأتي بالثمر، لا تنتظر الطول وإن كانت صغيرة. ومثل هذا الشرط المذكور للمبالغة، لا يحتاج إلى الجزاء، ذكره بعض الفضلاء.

قوله: (أن يعطف على (قِنْوَانٌ) على معنى: وحاصلة أو مخرجة)، أي: على التقديرين المذكورين، فعلى هذا يكون من عطف المفرد على المفرد. قال صاحب "التقريب": وفيه نظر، لأنه [إن] عطف على (قِنْوَانٌ)، فـ (مِنْ أَعْنَابٍ) حينئذٍ إما: صفة "جنات" فيفسد المعنى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015