ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعداً عن التكرار، وتفنناً في البلاغة. ويحتمل أن يقال: الفقه أدني درجات العلم، والجهل بالنجوم جهل بأمرٍ خارج عن الذات، فسمى عارفه عالماً، والآخر لا يخرج عن أحوال النفس، وجهل الإنسان بأحوال نفسه أبشع، فسمى العارف به فقيهاً، لأن "الفقه" هاهنا من "فقه" - بالكسر -: إذا فهم ولو أدني فهم، وليس من باب "فقه" بضم القاف، لأنها درجة عالية، أي: صار فقيهاً. قال الهروي: "قال سلمان لامرأةٍ وقد أجابته عن سؤال: "فقهت"، أي: فهمت".

"وقولنا: "لا يفقه شيئاً"، أذم من قولنا: "لا يعلم"، لأن نفي العلم نفي حصوله، وقد يكون فقيهاً، ويدل على أن جهل الإنسان بأمر نفسه أقبح لإنكاره، بقوله: (وفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) [الذاريات: 21] ".

وقلت: الصحيح ما ذهب إليه المصنف، لأن صاحب "النهاية" قال: "الفقه في الأصل: الفهم، يقال: فقه الرجل - بالكسر - يفقه فقهاً: إذا فهم وعلم. وفقه - بالضم - يفقه: إذا صار فقيهاً عالماً. وجعله العرف خاصاً بعلم الشريعة وتخصيصاً بعلم الفروع".

وقال الجوهري: "فقه الرجل - بالكسر - وفلان لا يفقه. ثم خص به علم الشريعة"، وقد تقرر أن لابد من رعاية المناسبة بين المنقول عنه والمنقول إليه. وإنما خص علم الشريعة بالفقه لأنه علم مستنبط بالقوانين والأدلة، والأقيسة، والنظر الدقيق، بخلاف علم اللغة، والنحو، والصرف، وغير ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015