من فتح قاف "المستقر" كان "المستودع" اسم مكانٍ مثله أو مصدراً، ومن كسرها، كان اسم فاعل و"المستودع" اسم مفعول. والمعنى: فلكم مستقرٌّ في الرحم ومستودعٌ في الصلب، أو مستقر فوق الأرض ومستودع تحتها، أو: فمنكم مستقرٌّ ومنكم مستودعٌ.
فإن قلت: لم قيل: (يَعْلَمُونَ) مع ذكر النجوم، و (يَفْقَهُونَ) مع ذكر إنشاء بني آدم؟ قلت: كان إنشاء الإنس من نفسٍ واحدة، وتصريفهم بين أحوالٍ مختلفةٍ ألطف وأدق صنعةً وتدبيراً، فكان ذكر الفقه الذي هو استعمال فطنة وتدقيق نظر مطابقاً له.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من فتح قاف "المستقر"). قرأها كلهم إلا ابن كثير وأبا عمرو، ويروى: "من فتح فاء المستقر" أي: فاء فعله، وهو القاف، لأن أصله: "قر". قال الزجاج: "الأكثر في القراءة: "مستقر"، بفتح القاف، وقد قرئت بكسرها، (وَمُسْتَوْدَعٌ) بالفتح لا غير".
قوله: (ألطف وأدق صنعةً): إشارة إلى أن في دلائل الأنفس من دقة النظر ما ليس في دلائل الآفاق.
ويوافقه ما ذكره حجة الإسلام: "الطبيعيون أكثروا البحث عن عجائب الحيوان والنبات، ورأوا في تشريح أعضاء الحيوان من عجائب صنع الله، وبدائع حكمته، ما اضطروا معه إلى الاعتراف بفاطر حكيم، مطلعٍ على غايات الأمور ومقاصدها".
الانتصاف: "لا يتحقق الفرق، وإنما أريد أن يكون لكل آية فاصلة مستقلة بالمقصود،