ويجوز أن يراد: وجعل الليل مسكوناً فيه، من قوله: (لتسكنوا فيه) [يونس: 67، غافر: 61].
(وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) قرئا بالحركات الثلاث:
فالنصب على إضمار فعل دل عليه "جاعل الليل"، أي: وجعل الشمس والقمر حسباناً، أو يعطفان على محل "الليل".
فإن قلت: كيف يكون لـ"الليل" محل والإضافة حقيقية، لأنّ اسم الفاعل المضاف إليه في معنى المضيّ، ولا تقول: زيدٌ ضاربٌ عمراً أمس؟ قلت: ما هو في معنى المضيّ، وإنما هو دال على جعلٍ مستمرّ في الأزمنة المختلفة، وكذلك (فالق الحب)، و (فالق الإصباح)، كما تقول: الله قادرٌ عالم، فلا تقصد زماناً دون زمان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((والشَّمْسَ والْقَمَرَ): قرئا بالحركات الثلاث). النصب: العامة، والرفع والجر: شاذتان.
قوله: (ولا تقول: زيد ضارب عمراً أمس). قال الزجاج: "ولا يجوز: "جاعل الليل سكناً"، لأن أسماء الفاعلين، إذا كان الفعل ماضياً، أضيفت إلى ما بعدها لا غير. تقول: هذا ضارب زيداً أمس. أجمع البصريون على أنه لا يجوز في "زيد" النصب، وبعض الكوفيين يجيزه. فإذا قلت: هذا معطي زيد درهماً، فنصب "درهماً" محمول على تأويل: أعطي".
قوله: (دال على جعلٍ مستمر). قال صاحب "التقريب": "فيه نظر، لأنه بخلاف ما ذكره في: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الفاتحة: 4] ". والجواب: أنه ليس مخالفاً له، بل هو تبيين وتفصيل لما