و (يخرج الحيَّ من الميت) موقعه موقع الجملة المبينة لقوله: (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى)، لأنّ فلق الحب والنوى بالنبات والشجر النامين من جنس إخراج الحيّ من الميت، لأنّ النامي في حكم الحيوان، ألا ترى إلى قوله: (يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) [الروم: 50].

(ذلِكُمُ اللَّهُ) أي: ذلكم المحيي والمميت هو الله الذي تحق له الربوبية، (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ): فكيف تصرفون عنه وعن توليه إلى غيره.

[(فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)].

(الْإِصْباحِ) مصدرٌ سمي به الصبح. وقرأ الحسن بفتح الهمزة جمع صبح وأنشد قوله:

أفنى رباحًا وبني رباح ... تناسخ الإمساء والإصباح

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال صاحب "الانتصاف": "تكرر في القرآن (يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ويُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ) [يونس: 31]. فيبعد قطعها عن نظيرها، والوجه أن قياس الآية أن تكون الصفات باسم الفاعل، كقوله: (فَالِقُ الحَبِّ)، (فَالِقُ الإصْبَاحِ)، (وجَعَلَ اللَّيلَ)، وإنما عدل إلى صيغة المضارع في (يُخْرِجُ) ليدل على تصوير ذلك وتمثيله واستحضاره، وإخراج الحي من الميت أولى في الوجود، وأعظم في القدرة، فكانت العناية به أتم، ولذلك جاء مقدماً في مواضعه، وحسن عطف الاسم على الفعل المضارع لأنه في معناه".

قوله: (أفنى رياحاً)، رياح: اسم قبيلة، أي: أفناهم تعاقب الدهور والأعصار، ومرور الليل والنهار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015