قلت: عطفه على (فالق الحب والنوى)، لا على الفعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (عطفه على (فَالِقُ الحَبِّ والنَّوَى) لا على الفعل). فإن قلت: لم لم يعطف عليه، كما ذهب إليه الإمام، ويكون الغرض إرادة الاستمرار في الأزمنة المختلفة، كما سبق في قوله تعالى: (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) [البقرة: 15]، ليكون إخراج الحي من الميت أولى في القصد من عكسه، ولأن المناسبة في الصنعة البديعية تقتضي هذا، لأنه من باب العكس والتبديل، كقوله تعالى: (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ) [الحج: 61]، ولورود سائر ما يشبه الآية على هذا المنوال؟ قلت: يمنعه ورود الجملة الثانية مفصولة عن الأولى على سبيل البيان، ولو عطفت الثالثة على الثانية كانت بيانيةً مثلها، لكنها غير صالحة له، لأن (فَالِقُ الحَبِّ والنَّوَى) ليس متضمناً لإخراج الميت من الحي.
فإن قلت: فقدر لها مبيناً مناسباً لها، كما صنعت في قوله تعالى: (لا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ) [النساء: 95] على تقدير: (فَالِقُ الحَبِّ والنَّوَى)، وخالق الحب والنوى. قلت: يفوت إذن غرض التعميم الذي تعطيه الآية، من إرادة "يخرج الحيوان والنامي من النطف والبيض والحب والنوى"، فإن هذا المعنى إنما يحصل إذا قدر: و (وَمُخْرِجُ) معطوفاً على (فَالِقُ الحَبِّ والنَّوَى). ثم يسري معنى العموم إلى قرينتها، فيصح أن يقال: (يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ)، أي: الحيوان والنامي من النطف والبيض والحب والنوى، ومخرج هذه الأشياء الميتة من الحيوان والنامي. ولو قدر معطوفاً على (يُخْرِجُ) اختص بالحب والنوى.