وفاعل (يُؤْخَذْ) قوله: (مِنْها) لا ضمير العدل، لأنّ العدل هاهنا مصدر، فلا يسند إليه الأخذ.
وأما في قوله تعالى: (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) [البقرة: 48] فبمعنى المفديِّ به، فصحّ إسناده إليه.
(أُولئِكَ) إشارةٌ إلى المتخذين دينهم لعباً ولهواً. قيل: نزلت في أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه حين دعاه ابنه عبد الرحمن إلى عبادة الأوثان.
[(قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وفاعل (يُؤْخَذْ) قوله: (مِنْهَا)). وهذا كما تقول: "أُخِذ مِنّي" وتسكت. وتقول: "سير من البلد". فالفعل لابد له من فاعل، وفاعله ما يصح السكوت عليه.
قوله: (لا ضمير العدل). أي: الضمير في (لا يُؤْخَذُ مِنْهَا) لا يرجع إلى "العدل"، لأنه مصدر. فإن قيل: كيف صح إسناده في تلك الآية، على تأويل المفتدى به، ولم يصح هاهنا؟
وأجيب: لأنه في تلك الآية لم يقع مفعولاً مطلقاً ابتداءً، بخلافه هاهنا.
قال في "الانتصاف": "ونظيره ما سبق أن الضمير في: (فَتَنفُخُ فِيهَا) لا يعود إلى "الهيئة" من قوله: (كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ)، وأوجب كون "العدل" هاهنا مصدراً يتعدى الفعل إليه بغير واسطة، ولو كان مفعولاً به لقيل: بكل عدل".