لأن المسلم إليه يمنع المسلم، قال عوف بن الأحوص:
وإبسالى بنىَّ بغير جرم ... بعوناه ولا بدم مراق
ومنه: هذا عليك بسلٌ، أي: حرامٌ محظور. والباسل: الشجاع لامتناعه من قرنه، أو لأنه شديد البسور، يقال: بسر الرجل؛ إذا اشتدّ عبوسه، فإذا زاد قالوا: بسل. والعابس: منقبض الوجه.
(وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها): وإن تفد كل فداء، والعدل: الفدية، لأن الفادي يعدل المفدي بمثله. و (كلّ عدلٍ): نصبٌ على المصدر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن المسلم إليه يمنع المسلم). يعني: إذا أسلموا أحداً إلى الهلاك، فالهلاك هو المسلم إليه يمنع الشخص المسلم من الخروج منه.
فالمعنى: ذكر بالقرآن، مخافة أن تسلم نفس إلى الهلكة، بسبب ما كسبت من المآثم، فلا تتخلص منها، كما أن أعمالها السيئة تمنعها من الخلاص، كما أن المسلم إليه يمنع المسلم أن يتخلص منه، نحوه في المعنى قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) [المدثر: 38].
وقال القاضي: "إنما قيل: أسد باسل، لأن فريسته لا تفلت منه".
الراغب: "البسل: ضم الشيء ومنعه، ولتضمنه لمعنى الضم استعير لتقطيب الوجه، فقيل: هو باسل ومبتسل الوجه. ولتضمنه لمعنى المنع، قيل للمحرم والمرتهن: بسل. والفرق بين الحرام والبسل أن الحرام: عام للممنوع منه حكماً أو قهراً. والبسل هو الممنوع منه قهراً. قال الله تعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا، أي: حرموا الثواب، وفسر بالارتهان، كقوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) ".