(لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ): لعلهم يجتنبون الخوض حياءً أو كراهةً لمساءتهم. ويجوز أن يكون الضمير لـ (الذين يتقون)، أي: يذكرونهم إرادة أن يثبتوا على تقواهم ويزدادوها.
وروي أن المسلمين قالوا: لئن كنا نقوم كلما استهزؤوا بالقرآن لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام وأن نطوف، فرخص لهم.
فإن قلت: ما محل (ذِكْرى)؟ قلت: يجوز أن يكون نصباً على: ولكن يذكرونهم ذكرى، أي: تذكيراً، ورفعاً على: ولكن عليهم ذكرى. ولا يجوز أن يكون عطفاً على محل (مِنْ شَيْءٍ)، كقولك: ما في الدار من أحد ولكن زيدٌ، لأنّ قوله: (مِنْ حِسابِهِمْ) يأبى ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لمساءتهم): أي: الذين يتقون. وهو مصدر: ساءه يسوؤه سوءاً - بالفتح - ومساءةً. وإضافتها إلى المفعول، وقيل: إلى الفاعل، والأول أظهر.
قوله: (يجوز أن يكون الضمير) أي: في (لَعَلَّهْمْ).
قوله: (لأن قوله: (مِنْ حِسَابِهِم) يأبي ذلك). قال أبو البقاء: (مِنْ) في (مِنْ شَيءٍ): زائدة، و (مِنْ حِسَابِهِم): حال، تقديره: شيء من حسابهم، يعني: شيء كائن من حسابهم، فإذا عطف (ذِكْرَى) على محل (مِنْ شَيءٍ)، رجع المعنى: ما يلزم المتقين الذكر الذي (مِنْ حِسَابِهِم)، لأن (مِنْ شَيءٍ) مقيد بقيد (مِنْ حِسَابِهِم) فإذا عطف عليه لابد من تقييده به.
واعترض صاحب "التقريب" وقال: "لا يلزم من وصف المعطوف عليه بشيء وصف المعطوف".
وأجيب أن ذلك في عطف الجملة على الجملة، وأما في عطف مفردات الجمل فملتزم،