(وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ): وما يلزم المتقين الذين يجالسونهم شيءٌ مما يحاسبون عليه من ذنوبهم، (وَلكِنْ) عليهم أن يذكروهم (ذِكْرى) إذا سمعوهم يخوضون؛ بالقيام عنهم، وإظهار الكراهة لهم، وموعظتهم، .....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال في "الانتصاف": هذا تنزيل على قاعدة الحسن والقبح، وأن العقل مدرك للأحكام، والشرع مبين لمقتضاه. ومما يدل على أن المراد خلاف ذلك ورود (يُنِسيَنَّكَ) مستقبلاً، ولو كان المراد نسيان ما علمه لقال: وإن أنساك فيما تقدم، فلا تقعد بعد النهي.

وقلت: المستقبل غير مانع، لأن له أن يقول: معناه: إن استمر ذلك النسيان السابق - الذي كان سبباً لورود قولنا: (وإذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعرِضْ عَنْهُم) - فلا تقعد بعد أن ذكرنا به، أي: بقولنا: (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ). لكن الوجه هو الأول، وهو أن يراد بقوله: (بَعْدَ الذِّكْرَى): بعد أن تذكر النهي.

قيل: "الخطاب بقوله: (وَإِذَا رَأَيْتَ) للرسول صلي الله عليه وسلم والمراد غيره، أو المراد: إذا رأيت أيها السامع". كذا ذكره الإمام.

وقال الواحدي: "إن المشركين كانوا إذا جالسوا المؤمنين وقعوا في الرسول صلي الله عليه وسلم والقرآن، فأمرهم ألا يقعدوا معهم".

وفيه: أن التكليف ساقط عن الناسي.

قوله: (بالقيام) يتعلق بقوله: "أن يذكروهم (ذِكْرَى) ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015