[(قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ)].
أي: لا أدعي ما يستبعد في العقول أن يكون لبشرٍ من ملك خزائن الله - وهي قسمه بين الخلق وأرزاقه- وعلم الغيب، وأني من الملائكة الذين هم أشرف جنسٍ خلقه الله تعالى، وأفضله وأقربه منزلةً منه. أي: لم أدّع إلهية ولا ملكية؛ .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أي: لا أدعي ما يستبعد في العقول). قيل: المناسب: ما يستحيل ويمتنع، لأن المراد: لا أدعى الإلهية. كأنه يريد بالمستبعد: المستحيل، لقوله بعد هذا: "والمحال: وهو الإلهية والملكية".
قوله: (وأني من الملائكة) بفتح الهمزة قيل: هو عطف على قوله: "ما يستبعد". والوجه: العطف على قوله: "أن يكون لبشر"، ليكون داخلاً في حكم الاستبعاد، أي: لا أدعي ما يستعبد في العقول من أن يكون عندي ملك خزائن الله، وأني من الملائكة. والدليل عليه قوله: "والمحال: وهو الإلهية والملكية". وإنما وضع "لبشر" موضع "أني أملك خزائن الله"، ليشعر بالعلية، وهي: البشرية مما ينافي الإلهية والملكية.
قوله: (أي: لم أدع إليهةً ولا ملكية). جعل مجموع قوله تعالى: {عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ ولا أَعْلَمُ الغَيْبَ {عبارة عن معنى الإلهية، لأن قسمة الأرزاق بين العباد، ومعرفة علم الغيب، مخصوصتان به، ولهذا كرر في التنزيل لفظ: {ولا أَقُولُ {.
وهذا النسق يهدم قاعدة استدلاله في قوله تعالى: {لَن يَسْتَنكِفَ المَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ ولا المَلائِكَةُ المُقَرَّبُونَ {[النساء: 172] على تفضيل الملك على البشر، لأن الترقي لا يكون من الأعلى إلى الأدنى، يعني من الإلهية إلى الملكية.
وأما قوله: "الذين هم أشرف جنسٍ خلقه الله، وأفضله" فهو بعيد، لأن سياق هذه الآية