ولم يرسلهم ليتلهى بهم ويقترح عليهم الآيات بعد وضوح أمرهم بالبراهين القاطعة (وَأَصْلَحَ) ما يجب عليه إصلاحه مما كلف.
[(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ)].
جعل العذاب ماساً، كأنه حيّ يفعل بهم ما يريد من الآلام، ومنه قولهم: لقيت منه الأمرّين والأقورين، حيث جمعوا جمع العقلاء، وقوله: (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً)] [الفرقان: 12].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لم يرسلهم ليتهلي بهم ويقترح عليهم الآيات): إشارة إلى اتصال هذه الآية بقوله تعالى: {وقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ {[الأنعام: 37] الآيات. الجوهري: "لهوت بالشيء، ألهو لهواً: إذا لعبت به. وتلهيت به: مثله". يعني: ليسخر بهم.
قوله: (كأنه حي يفعل بهم ما يريد من الآلام). يجوز أن يريد أن الاستعارة واقعة في "المس" فتكون تبعية، أو في {اَلْعَذَابُ {فتكون مكنية. والظاهر الثاني، بشهادة الاستشهاد بـ"الأمرين".
قوله: (الأمرين). روى الجوهري عن أبي زيد: "لقيت منه الأمرين، بنون الجمع: وهي الدواهي"، وعن الكسائي: "لقيت منه الأقورين، بكسر الراء، والأقوريات: وهي الدواهي العظام".
وقال الميداني: "لقيت منه الأقورين والفتكرين والبرحين: إذا لقي منه الأمور العظام".
والأقورين: من: قوره، أي: قطعه مدوراً. والبرحين، بالضم والكسر، أي: الشدة.