وقيل: (فإنهم لا يكذبونك) بقلوبهم، ولكنهم يجحدون بألسنتهم.
وقيل: (فإنهم لا يكذبونك) لأنك عندهم الصادق الموسوم بالصدق، ولكنهم يجحدون بآيات الله. وعن ابن عباسٍ رضى الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الأمين، فعرفوا أنه لا يكذب في شيء، ولكنهم كانوا يجحدون، وكان أبو جهلٍ يقول: ما نكذبك وإنك عندنا لمصدق، وإنما نكذب ما جئتنا به.
وروي: أنّ الأخنس بن شريق قال لأبي جهل: يا أبا الحكم، أخبرني عن محمد، أصادق هو أم كاذب، فإنه ليس عندنا أحدٌ غيرنا؟ فقال له: والله إن محمداً لصادق، وما كذب قط، ولكن إذا ذهب بنو قُصيّ باللواء والسقاية والحجابة والنبوّة؛ فماذا يكون لسائر قريش؟ ! فنزلت.
وقوله: (وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ) من إقامة الظاهر مقام المضمر، للدلالة على أنهم ظلموا في جحودهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل: {فَإنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ {بقلوبهم) عطف على قوله: "والمعنى: أن تكذيبك أمر راجع إلى الله". فعلى هذا معنى قوله: "يجحدون بألسنتهم" هو قولهم: {سَاحِرٌ كَذَّابٌ {[ص: 4].
قوله: (وقيل: {فَإنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ {، معنى قولهم: {سَاحِرٌ كَذَّابٌ {: لا يريدون به تكذيبك، "لأنك عندهم الصادق"، ولكن مرادهم به أن ما جئت به من الآيات سحر وكذب، وهو المراد بقول أبي جهل: إنك عندنا لمصدق، وإنما نكذب ما جئتنا به.
والوجه هو الأول، لقوله: {ولَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا {، فإنه عزاء وتسليه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يليق بالوجهين الآخرين.
قوله: (باللواء والسقاية والحجابة): أي: والسدانة. النهاية: "سقاية الحاج: هي ما كانت