لاشتمالها على ما أسست عليه حال المتقين من فعل الحسنات وترك السيئات.
أمّا الفعل فقد انطوى تحت ذكر الإيمان الذي هو أساس الحسنات ومنصبها، وذكر الصلاة والصدقة لأنّ هاتين أُمّا العبادات البدنية والمالية، وهما العيار على غيرهما.
ألم تر كيف سمى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الصلاة عماد الدين، وجعل الفاصل بين الإسلام والكفر ترك الصلاة؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن هاتين أما العبادات: البدنية والمالية)، فإن قلت: هل في وصف الإيمان بالأساسي، والصلاة والصدقة بالأم من نكتة؟ قلت: أجل، فيه نكت وأجلها: أن الأعمال: إما قلبية وأعظمها اعتقاد حقية التوحيد والنبوة والمعاد؛ إذ لولاه لكان سائر الأعمال كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً، أو بدنيةٌ وأصلها الصلاة؛ لأنها الفارقة بين الكُفر والإسلام، وهي عمود الدين، وهي الأم التي يتشعب منها سائر الخيرات والمبرات، أو ماليةٌ وهي الإنفاق لوجه الله، وهي التي إذا وُجدت علم الثبات في الإيمان كما قال: (وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [البقرة: 265].
قوله: (العيار)، الأساس: عاير المكاييل والموازين: قايسها. أي: هما الشاهدان المعدلان، بمعنى من كانت فيه هاتان العبادتان كان ذلك دليلاً على أنه يقيم سائر العبادات، ولم يقل: العياران؛ ملاحظةً لمعنى المصدر.
قوله: (كيف سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم عماد الدين؟ )، روينا عن الترمذي وابن ماجه عن معاذٍ في حديث طويل: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد".
قوله: (وجعل الفاصل بين الإسلام والكفر ترك الصلاة)، روينا عن الإمام أحمد بن حنبلٍ عن بُريدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر".