فإن قلت: ما هذه الصفة؟ أواردةٌ بياناً وكشفا للمتقين أم مسرودة مع المتقين تفيد غير فائدتها؟ أم جاءت على سبيل المدح والثناء كصفات اللَّه الجارية عليه تمجيداً؟ قلت: يحتمل أن ترد على طريق البيان والكشف،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"حسنٌ غير تام" على هذا القسم حسن؛ لأن اعتبار الصفة يقتضي الوصل، واعتبار الفاصلة وأنها آخر آيةٍ يقتضي الفصل.

قوله: (ما هذه الصفة)، كرر الاستفهام وجعل الأول توطئةً للثاني تفخيماً لها، يعني أرى لهذه الصفة في هذا المقام شأناً وموقعاً رفيعاً، بين لي موقعاً.

قوله: (بياناً وكشفاً)، أي: مفهومها مفهوم المتقين كما تجيء الصفة معرفةً لموصوفها نحو الجسم العريض، العميق، الطويل، يحتاج إلى حيز يشغله.

قوله: (أم مسرودةٌ مع المتقين)، أي: تابةٌ للموصوف، ومخصصةٌ إياه، نحو: زيدٌ التاجر عندنا؛ لأن مفهوم التاجر غير مفهوم زيدٍ، وهو المراد بقوله: "تفيد غير فائدتها" أي: فائدة الصفة الواردة على البيان والكشف، وذلك أن فائدتها متحدةٌ متساويةٌ مع الموصوف في المعنى.

قوله: (مسرودةٌ)، الأساس: ومن المجاز: نجومٌ سردٌ: متتابعةٌ، وتسرد الدر: تتابع في النظام.

قوله: (كصفات الله الجارية عليه تمجيداً)، كقوله: (هُوَ اللَّهُ ... الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ) [الحشر: 23] أي: يكون مدحاً للمتقين كما يُمدح بصفاته؛ لأنه على جهة الإيضاح، ولا على سبيل التفصلة والإبانة والتفرقة؛ إذ ليس تعالى بالمشارك في اسمه المبارك، وإنما هي تماجيد لذاته المكونة لجميع الذوات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015