فإن قلت: فمحظورات الإحرام يستوي فيها العمد والخطأ، فما بال التعمد مشروطاً في الآية؟ قلت: لأن مورد الآية فيمن تعمد فقد روى أنه عنّ لهم في عمرة الحديبية حمار وحش، فحمل عليه أبو اليسر فطعنه برمحه فقتله، فقيل له: إنك قتلت الصيد وأنت محرم فنزلت ولأن الأصل فعل التعمد، والخطأ لاحق به للتغليظ. ويدل عليه قوله تعالى: (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ).

وعن الزهري: نزل الكتاب بالعمد ووردت السنة بالخطأ. وعن سعيد بن جبيرٍ: لا أرى في الخطأ شيئاً أخذاً باشتراط العمد في الآية. وعن الحسن روايتان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أنه عن لهم في عمرة الحديبية حمار وحش، فحمل عليه أبو اليسر)، والصحيح أبو قتادة على ما رويناه عن البخاري ومسلم ومالك والترمذي والنسائي، عن أبي قتادة، قال: كنت في منزل في طريق مكة والقوم محرمون وأنا غير محرم، عام الحديبية، فأبصروا حمار وحش وأنا مشغول، فلم يؤذنوني، فأبصرته فقمت وركبت الفرس ونسيت السوط والرمح، فقلت لهم: ناولوني إياهما، قالوا: لا والله! فنزلت فأخذتهما، فشددت على الحمار فعقرته فوقعوا فيه يأكلونه، فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "هل معكم منه شيء منه؟ " فناولته العضد فأكلها وهو محرم ... الحديث مختصر، وما وجدت حديث أبي اليسر في الأصول.

قوله: (ويدل عليه) أي: على أن الخطأ مُلحق بالعمد، أن الخطأ لا يترتب عليه الوبال والانتقام ضرورة، فحين رتب عليه الوبال عُلم أنه ملحق بالعمد تغليظاً للحكم وتشديداً له.

قوله: (وعن سعيد بن جبير) جواب آخر عن السؤال، يعني: إنما قيد بقوله: {مُتَعَمِّداً}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015