أن يتشبث به طرف من الريب، فكان شهادة وتسجيلا بكماله، لأنه لا كمال أكمل مما للحق واليقين، ولا نقص أنقص مما للباطل والشبهة.

وقيل لبعض العلماء: فيم لذتك؟ فقال: في حجة تتبختر اتضاحا، وفي شبهة تتضاءل افتضاحا. ثم أخبر عنه بأنه هدى للمتقين، فقرّر بذلك كونه يقيناً لا يحوم الشك حوله، وحقا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ثم لم تخل كل واحدة من الأربع، بعد أن رتبت هذا الترتيب الأنيق،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفي قوله "شداً من أعضاده" اقتباسٌ من قوله تعالى: (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) [القصص: 35]، ومراعاةٌ لمعنى المؤاخاة في قوله: "متآخية"، وترشيحٌ للاستعارة.

قوله: (وتسجيلاً بكماله)، الأساس: سجَّل عليهم، وكتابٌ مسجل، وكتب عليه سجلاً يعني قوله: (لَا رَيْبَ فِيهِ) [البقرة: 2] تأكيدٌ لمعنى ذلك الكتاب، وهو كونه كاملاً لا كمال أكمل منه، ولا يكون كاملاً كذا إلا أن يكون حقاً وصدقاً، لا باطلاً وكذباً؛ فلا يحوم الشك حوله.

قوله: (فقرر بذلك كونه يقيناً لا يحوم الشك حوله)، أي: كونه هادياً تأكيدٌ لقوله: (لا رَيْبَ فِيهِ)؛ لأنه لا يكون هادياً إذا كان فيه مجالٌ للشبهة، ففي قوله: "لا يحوم الشك حوله" كنايةٌ كقوله:

فما جازه جودٌ، ولا حل دونه ... ولكن يصير الجود حيث يصير

وهذه المبالغة مستفادةٌ من إيقاع المصدر خبراً لـ"هو" كما أن المبالغة في الجملة الثانية حصلت من تعريف الخبر، وفي الثالثة: من الاستغراق.

قوله: (الأنيق)، أي: العجيب، الأساس: هذا شيءٌ أنيقٌ، وآنقٌ ومونقٌ، وآنقني: أعجبني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015