والسقوط، (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) [الحج: 36]، ووجبت الشمس: سقط قرصها. والمعنى: فقد علم اللَّه كيف يثيبه، وذلك واجب عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} مردوف قوله: "فقد علم الله كيف يثيبه"، كما أن قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة: 143] مقابل له؛ لأن معناه: لنعلمه علماً يتعلق به الجزاء، وهو أن يعلمه موجوداً ثابتاً، فأطلق العلم الخاص وأراد ثبوت المعلم الخاص وهو التمييز بين الثابت والناكص، وها هنا بالعكس؛ أطلق المعلوم الخاص وهو وقوع الأجر العظيم على العلم الخاص وهو العلم بكيفية الثواب، وهو من باب الكناية التي اللازم فيها مساوٍ؛ لأن العلم تابع للمعلوم والمعلوم كذلك، ثم في انضمام إقامة المظهر موضع المضمر في الجزاء وهو قوله: {عَلَى اللَّهِ} معه؛ لأن الأصل: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} شبه الدلالة على أنه وقع أجر عظيم لا يُقادر قدره ولا يكتنه كنهه، ولا يعلم كيفية إثابته إلا من هو مسمى بذلك الاسم الجامع، فدل ذلك على أن العمل الذي هذا ثوابه أمرٌ عظيم وخطب جسيم، وفي مقارنة هذا الشرط مع الشرط السابق الدلالة على أن من هاجر له إحدى الحسنيين: إما أن يورث عدو الدين مذلة وهواناً بسبب مفارقته إياه واتصاله إلى الخير والسعة، وغما أن يدركه الموت ويصل إلى السعادة الحقيقية والنعيم الدائم.
قال الإمام: كأنه قيل: أيها الإنسان، إن كنت إنما تكره الهجرة عن وطنك خوفاً من أن تقع في المشقة فلا تخف؛ فإن الله تعالى يمنحك من النعم الجليلة والمراتب العظيمة في مهاجرتك ما يصير سبباً لرغم أنوف أعدائك ولسعة عيشك؛ وإنما قدم {مُرَاغَماً} على السعة؛ لأن ابتهاج الإنسان برغم العداء أشد من ابتهاجه بسعة عشه، وفيه أن من قصد طاعة ثم عجز عن إتمامها كتب الله له ثواب تلك الطاعة، كالمريض يعجز عما يفعله في حال صحته من الطاعة فيكتب له ثواب ذلك العمل. وأما الكلام في إيجاب الثواب