. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على القاعدين، يعني: من أهل العُذر درجة، وقوله أيضاً: أما المفضلون درجة فهم الذين فضلوا على القاعدين الأضراء.

والحاصل أن المراد بقوله تعالى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ} أن بين المجاهدين والقاعدين غير الأضراء بوناً بعيداً، وأن ليس بين المجاهدين والقاعدين الأضراء هذا البون، لكن بينهم تفاوت؛ فاحتاج هذا التفاوت إلى البيان، فبين بقوله: {فَضَّلَ اللَّهُ} في الموضعين هذا التفاوت، وكلتا الجملتين بيان، لا الجملة الأولى كما يشعر به كلام صاحب "الكشاف"، وفي كلامه اضطراب متناف! وقال صاحب "التقريب" بعد ما حكى كلام المصنف: المفضلون درجة من فضلوا على القاعدين الأضراء، ودرجات من فضلوا على المتخلفين بإذن، وفيه نظر؛ لأنه فسر القاعدين بغير أولي الضرر، وإنما يستقيم على تفسيره بالأضراء كما في "المعالم" و"اللباب".

وقلت- والله أعلم-: إن كلام المصنف والواحدي إن أمعن النظر فيهما متوافقان، ولا مخالفة إلا في كلمات لا ضرر فيها. وأما قول المصنف: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ} جملة موضحة لما نُفي من استواء القاعدين والمجاهدين" فالمراد منه أنه وما عطف عليه من قوله: {فَضَّلَ اللَّهُ} الثاني كلاهما بيان وإيضاح للجملة الأولى، وهو قوله: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ}، ولابد من التطابق بين البيان والمبيَّن، والمذكور في البيان شيئان وليس في المبين سوى ذكر {غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ}، فالواجب أن يقدر ما يوافقه من قوله: لا يستوي القاعدون أولو الضرر وغير أولي الضرر، وهو من أسلوب الجمع التقديري؛ لدلالة التفضيل على المفضل، وعليه قوله تعالى: {وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015