. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرتداً، أو المراد بالخلود: المُكثُ الطويل؛ فإن الدلائل متظاهرة على أن عصاة المسلمين لا يدوم عذابهم.
والذي يمكن أن يُقال- والعلم عند الله - أن الذي يقتضيه نظم الآيات أن الآية من أسلوب التغليظ، كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]، فإنه قال: {وَمَنْ كَفَرَ} أي: لم يحج، تغليظاً وتشديداً على تاركه. وقوله صلى الله عليه وسلم للمقداد بن الأسود حين سأله عن قتل من أسلم من الكفار بعد أن قطع يده في الحرب: "لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول الكلمة التي قال". أخرجه البخاري ومسلم.
وبيانه: أن قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً} دل على أن قتل المؤمن ليس من شأن المؤمن، ولا يستقيم منه ولا يصح له ذلك، فإنه إن فعل خرج عن أن يقال: إنه مؤمن، ثم استثنى من هذا العام قتل الخطأ تأكيداً ومبالغة، أي: لا يصح ولا يستقيم إلا في هذه الحالة، وهذه الحالة منافية لقتل العمد، فإذا لا يصح منه قتل العمد البتة، ثم ذيل هذه المبالغة تغليظاً وتشديداً بقوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}، يعني: كيف يستقيم من المؤمن قتل المؤمن عمداً وأنه من شأن الكفار الذين جزاؤهم الخلود في النار وحلول غضب الله ولعنته عليهم، وإن شئت أن تحقق هذا المعنى فانظر إلى تفسيره لقوله تعالى: {الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} إلى قوله: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3] وإلى ما لخصناه فيه، ثم إلى قوله في تفسيره قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} إلى قوله: {وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 254]: "كيف جعل ترك الزكاة من صفات