هو بيان لـ (جاؤكم)، وهم بنو مدلج؛ جاءوا رسول اللَّه غير مقاتلين، والحصر: الضيق والانقباض. (أَنْ يُقاتِلُوكُمْ): عن أن يقاتلوكم، أو كراهة أن يقاتلوكم.
فإن قلت: كيف يجوز أن يسلط اللَّه الكفرة على المؤمنين؟ قلت: ما كانت مكافتهم إلا لقذف اللَّه الرعب في قلوبهم، ولو شاء لمصلحةٍ يراها من ابتلاءٍ ونحوه لم يقذفه، فكانوا متسلطين مقاتلين غير مكافين، فذلك معنى التسليط. وقرئ: (فلقتلوكم) بالتخفيف والتشديد. (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ): فإن لم يتعرضوا لكم، (وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ)، أي: الانقياد والاستسلام. وقرئ بسكون اللام مع فتح السين، (فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا): فما أذن لكم في أخذهم وقتلهم. (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ): هم قوم من أسدٍ وغطفان، وكانوا إذا أتوا المدينة أسلموا وعاهدوا ليأمنوا المسلمين، فإذا رجعوا إلى قومهم كفروا ونكثوا عهودهم. (كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ) كلما دعاهم قومهم إلى قتال المسلمين (أُرْكِسُوا فِيها): قلبوا فيها أقبح قلبٍ وأشنعه، وكانوا شراً فيها من كل عدوّ. (حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ): حيث تمكنتم منهم. (سُلْطاناً مُبِيناً): حجةً واضحةً لظهور عداوتهم، وانكشاف حالهم في الكفر والغدر، وإضرارهم بأهل الإسلام أو تسلطا ظاهراً حيث أذنا لكم في قتلهم.
[(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هو بيان لـ {جَاءُوكُمْ} وذلك أن مجيئهم غير مقاتلين، و {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ} في معنى واحد.
قوله: (وهم بنو مدلج) بالضم، قيل: بنو مدلج: قبيلة من كنانة، وهم القافة.
قوله: ({أُرْكِسُوا فِيهَا} قلبوا فيها أقبح قلب وأشنعه) الأساس. أركَسَه ورَكَسَه: قلبه على رأسه، وهو مركوسٌ منكوس.