عنهم، وترك الإيقاع بهم. فإن قلت: كل واحدٍ من الاتصالين له تأثير في صحة الاستثناء، واستحقاق إزالة التعرّض الاتصال بالمعاهدين والاتصال بالمكافين، لأنّ الاتصال بهؤلاء أو هؤلاء دخول في حكمهم، فهلا جوزت أن يكون العطف على صفة (قوم)، ويكون قوله: (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) تقريراً لحكم اتصالهم بالمكافين واختلاطهم بهم وجريهم على سننهم! قلت: هو جائزٌ ولكن الأول أظهر وأجرى على أسلوب الكلام. وفي قراءة أبيّ: (بينكم وبينهم ميثاق جاؤوكم حصرت صدورهم) بغير "أو"، ووجهه أن يكون: (جاؤُكُمْ)، بياناً لـ (يصلون)، أو بدلاً، أو استئنافاً، أو صفة بعد صفةٍ لـ (قوم). (حصرت صدورهم) في موضع الحال بإضمار "قد"؛ والدليل عليه قراءة من قرأ: (حصرةً صدورهم) و (حصرات صدورهم). و (حاصراتٍ صدورهم)، وجعله المبرد صفة لموصوف محذوفٍ على: أو جاؤوكم قوماً حصرت صدورهم. وقيل: .......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أظهرُ وأجرى على أسلوب الكلام)، وذلك أن قوله: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَامَنُوكُمْ وَيَامَنُوا قَوْمَهُمْ} مشابه لقوله: {جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ}، وقد رتب عليه قوله: {فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ} الآية، فالأولى جرى الكلام على أسلوب واحد وأن يترتب قوله: {فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ} على قوله: {أَوْ جَاءُوكُمْ} حتى يكون المراد من قوله: {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ} وقول: {أَوْ جَاءُوكُمْ} وقوله: {فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ} هم الذين تولوا وأعرضوا عن الإيمان، وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ} جملة معترضة للامتنان على المؤمنين، وتعليل بأن حصر صدورهم ما كان إلا لقذف الله الرعب فيها.

قوله: (أو جاؤوم قوماً حصرت صدورهم) فعلى هذا "قوماً" حال موطئة، كقوله تعالى: {قُرْآناً عَرَبِيّاً} [يوسف: 2].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015