بعضهم: هم كفار. وقال بعضهم: هم مسلمون. وقيل: كانوا قوماً هاجروا من مكة ثم بدا لهم، فرجعوا وكتبوا إلى رسول اللَّه: إنا على دينك، وما أخرجنا إلا اجتواء المدينة والاشتياق إلى بلدنا. وقيل:
هم قوم خرجوا مع رسول اللَّه يوم أُحدٍ ثم رجعوا. وقيل: هم العرنيون الذين أغاروا على السرح وقتلوا بساراً. وقيل: هم قوم أظهروا الإسلام وقعدوا عن الهجرة. ومعناه: ما لكم اختلفتم في شأن قوم نافقوا نفاقاً ظاهراً، وتفرقتم فيه فرقتين؟ وما لكم لم تبتوا القول بكفرهم؟ (وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ)، أي: ردهم في حكم المشركين كما كانوا. (بِما كَسَبُوا) من ارتدادهم ولحوقهم بالمشركين، واحتيالهم على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، أو: (أركسهم) في الكفر بأن خذلهم حتى ارتكسوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إنا على دينك) حكاية ما كتبوا، لكن قوله: ((وما أخرجنا إلا اجتواء المدينة)) لا يستقيم مع قوله: ((كانوا قوماً هاجروا من مكة))، إلا أن يقال: هاجروا من مكة إلى المدينة، ثم بدا لهم فرجعوا.
قوله: (أغاروا على السرح) أي: النعم السارحة. النهاية: السرح: اسم جمعٍ وليس بتكسير ((سارح))، أو هو تسميةٌ بالمصدر مبالغة.
قوله: (قتلوا يساراً). الاستيعاب: يسار: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان نوبياً، وهو الراعي الذي قتله العرنيون الذين استاقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم فقطعوا يديه ورجليه وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات.
قوله: ((أَرْكَسَهُم) أي: ردهم في حكم المشركين). الراغب: الركس والنكس: الرذل، والركس أبلغ؛ لأن النكس: ما جعل أسفله أعلاه، والركس: ما جعل رجيعاً بعد ما كان طعاماً، فهو كالرجس، يقال: أركسه وركسه، وأركس أبلغ، كما أن ((أسقاه)) أبلغ من ((سقاه)).