ذلك وبالاً على المؤمنين، (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر)، وقالوا: نسكت حتى نسمعه منهم، ونعلم هل هو مما يذاع أو لا يذاع؟ (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) لعلم صحته وهل هو مما يذاع أو لا يذاع؛ هؤلاء المذيعون، وهم (الذين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولي الأمر)) وهو عطفٌ على قوله: ((كانوا إذا بلغهم خبرٌ عن سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم)). اعلم أن ما ذاعت به ضعفة المسلمين مما يجب إخفاؤه: إما أن يكون من أسرار المؤمنين أو المنافقين، والأول: إما أن تكون الأسرار التي سمعوها في أمر المسلمين من غيرهم، أو سمعوها من الرسول صلى الله عليه وسلم وأولي الأمر.

أما المعنى على الوجه الأول: فهو أن الضعفة إذا سمعوا من أمر عساكر المسلمين شيئاً من الخير والشر أفشوا وأورث ذلك فساداً في أمر المؤمنين، فقيل لهم: لو سكتوا عن ذلك ولم يعلموا سوى الرسول والصحابة لتداركوا ذلك بحيث لا يؤدي إلى الفساد.

وعلى الثاني: أنهم إذا وقفوا على أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم من الأمن أو الخوف أظهروها، وكان ذلك خللاً في أمورهم، ولو فوضوا ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لدبروا وأصلحوا ذلك الخلل.

وعلى الثالث: إذا سمع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المنافقين أراجيف في سرايا المؤمنين بادرت الضعفة إلى الإشاعة ولم يصبروا حتى ينظر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه: هل هو مما يذاع أم لا؟

ف ((من)) في (يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) على الوجهين الأولين: بيانيةٌ تجريدية، وعلى الثالث: ابتدائية؛ ولهذا قال في هذا الوجه: (((الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ) من الرسول وأولي الأمر، أي: يتلقونه ويستخرجون علمه من جهتهم))، فعلى هذا (الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ): الضعفة، وعلى الوجهين الأولين: المراد بهم الرسول صلى الله عليه وسلم وكبراء الصحابة، فيكون من وضع المظهر موضع المضمر للإشعار بالعلية، وفيه تنبيهٌ على علو منزلة المجتهدين.

قوله: (هؤلاء المذيعون) فاعل ((لعلم))، وقوله: ((وفوضوه إليهم))، وقوله: ((وقالوا: نسكت)) كلاهما من عطف التفسير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015