بالأرواح، وخوفاً من الموت. (كَخَشْيَةِ اللَّهِ): من إضافة المصدر إلى المفعول. فإن قلت ما محل (كَخَشْيَةِ اللَّهِ) من الإعراب؟ قلت: محله النصب على الحال من الضمير في (يَخْشَوْنَ)، أي: يخشون الناس مثل أهل خشية اللَّه، أي: مشبهين لأهل خشية اللَّه، (أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) بمعنى: أو أشد خشية من أهل خشية اللَّه. و (أشد) معطوفٌ على الحال. فإن قلت: لم عدلت عن الظاهر وهو كونه صفة للمصدر ولم تقدر: يخشون خشية مثل خشية اللَّه، بمعنى: مثل ما يخشى اللَّه؟ قلت: أبى ذلك قوله: (أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً)؛ لأنه وما عطف عليه في حكم واحد، ولو قلت: يخشون الناس أشد خشية لم يكن إلا حالاً عن ضمير الفرق، ولم ينتصب انتصاب المصدر، لأنك لا تقول: خشي فلانٌ أشد خشية، فتنصب "خشية"، وأنت تريد المصدر، إنما تقول: أشد خشيةٍ فتجرّها، وإذا نصبتها لم يكن (أشد خشية) إلا عبارة عن الفاعل حالاً منه، اللهم إلا أن تجعل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أبى ذلك قوله: (أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً)؛ لأنه وما عطف عليه في حكم واحد). قال ابن الحاجب في ((الأمالي)): وفيه نظر، لم لا يجوز أن يكون (أَشَدَّ) منصوباً بفعلٍ مضمرٍ دل عليه (يَخْشَوْنَ) الأول؟ أي: يخشون الناس خشيةً مثل خشية الله، أو يخشون الناس أشد خشيةً، فتكون الكاف نعتاً لمصدرٍ محذوف، و (أَشَدَّ): حالاً، وهذا أولى؛ لأنها جرت الكاف على ظاهرها، ولا يلزم ما ذكروه من أن المعطوف يشارك المعطوف عليه في العامل؛ لأن ذلك في المفردات وهذه جمل، ولأن قوله: (فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا) [البقرة: 200] لا يجوز فيه الحال، ولا يستقيم إلا على هذا، فينبغي أن يكون هذا مثله لموافقته في اللفظ.
قوله: (لا تقول: خشي فلانٌ أشد خشيةً، فتنصب ((خشيةً))، وأنت تريد المصدر، إنما تقول: أشد خشيةٍ فتجرها). قال أبو البقاء في قوله تعالى: (أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا): ((أفعل)) تضاف إلى ما بعدها إذا كان من جنس ما قبلها، كقولك: ذكرك أشد ذكرٍ، ووجهك أحسن وجهٍ، أي: أشد الأذكار وأحسن الوجوه، وإذا نصبت ما بعدها كان غير الذي قبلها،