فرأوا منه الولاية والنصرة كما أرادوا، قال ابن عباس: كان ينصر الضعيف من القوي، حتى كانوا أعز بها من الظلمة. فإن قلت: لم ذكر الولدان؟ قلت: تسجيلاً بإفراط ظلمهم؛ حيث بلغ أذاهم الولدان غير المكلفين، إرغاماً لآبائهم وأمهاتهم، ومبغضةً لهم لمكانهم، ولأن المستضعفين كانوا يشركون صبيانهم في دعائهم، استنزالاً لرحمة اللَّه بدعاء صغارهم الذين لم يذنبوا، كما فعل قوم يونس، وكما وردت السنة بإخراجهم في الاستسقاء. وعن ابن عباسٍ: كنت أنا وأمى من المستضعفين من النساء والولدان. ويجوز أن يراد بالرجال والنساء: الأحرار والحرائر، وبالولدان: العبيد والإماء، لأنّ العبد والأمة يقال لهما: الوليد والوليدة. وقيل للولدان والولائد: الولدان؛ لتغليب الذكور على الإناث، كما يقال: الآباء والإخوة. فإن قلت: لم ذكر الظالم وموصوفه مؤنث؟ قلت: هو وصف للقرية إلا أنه مسند إلى أهلها، فأعطي إعراب القرية؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليس الذي يتبع الوبل رائداً ... كمن جاءه في داره رائد الوبل
قوله: (كان ينصر الضعيف من القوي)، وقد سبق أن ((نصر)) إذا عدي ب ((من)) كان مضمناً معنى انتقم.
قوله: (إرغاماً) نصب مفعولٍ له؛ لقوله: ((بلغ))، وحذف اللام؛ لأن ((بلغ أذاهم)) في معنى يؤذون، فيكون فعلاً لفاعل الفعل المعلل.
قوله: (ولأن المستضعفين) عطفٌ على قوله: ((تسجيلاً))، وإنما جاء باللام؛ لأنه ليس فعلاً لفاعل الفعل المعلل الذي هو: ذكر، المحذوف لدلالة قوله: ((لم ذكر الولدان)) لأجل بلوغ أذى المشركين إليهم أيضاً، ((ولأنهم كانوا يشركون صبيانهم في دعائهم)) يعني: أن قوله تعالى: (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا) الآية، وقع صفةً للجمع فوجب لذلك أن يدخلوا في الحكم؛ لأن الأصل اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في المتعلقات؛ ولهذا قال: ((كانوا يشركون صبيانهم في دعائهم؛ استنزالاً لرحمة الله تعالى)).
قوله: (هو وصفٌ للقرية) قيل: إذا كانت الصفة فعلاً لنفس الموصوف تبعته في: