وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «من أطاعنى فقد أطاع اللَّه ومن عصاني فقد عصى اللَّه، ومن يطع أميرى فقد أطاعنى ومن يعص أميرى فقد عصاني». وقيل: هم العلماء الدينون الذين يعلمون الناس الدين، ويأمرونهم بالمعروف، وينهونهم عن المنكر. (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ): فإن اختلفتم أنتم وأولو الأمر منكم في شيء من أمور الدين، (فردّوه إلى اللَّه ورسوله)، أى: ارجعوا فيه إلى الكتاب والسنة. وكيف تلزم طاعة أمراء الجور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من أطاعني فقد أطاع الله)، الحديث رواه البخاري ومسلمٌ عن أبي هريرة.
قوله: (هم العلماء الدينون). روى محيي السنة، عن ابن عباسٍ وجابرٍ: أولو الأمر: هم الفقهاء والعلماء الذين يعلمون الناس معالم دينهم، وهو قول الحسن والضحاك ومجاهد، ودليله: (ولَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ وإلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء: 83].
وروى الدارمي عن عطاءٍ، أنه قال: (أُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ): أولي العلم والفقه، وطاعة الرسول: إتباع الكتاب والسنة.
قال القاضي: قوله تعالى: (فَإن تَنَازَعْتُمْ) أي: أنتم وأولو الأمر منكم (فِي شَيْءٍ) من أمور الدين، هذا يؤيد أن يراد بأولي الأمر: أمراء المسلمين؛ إذ ليس للمقلد أن ينازع المجتهد في حكمه بخلاف المرؤوس، إلا أن يقال: الخطاب لأولي الأمر على طريقة الالتفات، أي: إن تنازعتم في شيءٍ فيرد العلماء إلى الكتاب والسنة. واستدل به منكرو القياس لأنه أوجب رد المختلف إلى الكتاب والسنة دون القياس. وأجيب بأن رد المختلف إنما يكون بالتمثيل والبناء على الكتاب والسنة، وهو القياس. وقال الزجاج: لا يخلو الرد من أحد الأمرين إما القياس، وإما أن يقولوا: الله ورسوله أعلم.