تفرّقهما عن مجلس العقد متراضيين (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ): من كان من جنسكم من المؤمنين. وعن الحسن: لا تقتلوا إخوانكم، أو لا يقتل الرجل نفسه كما يفعله بعض الجهلة. وعن عمرو بن العاص: أنه تأوله في التيمم لخوف البرد فلم ينكر عليه رسول اللَّه صلى اللَّه تعالى عليه وعلى آله وسلم. وقرأ علي رضي اللَّه عنه (وَلا تَقْتُلُوا) بالتشديد. (إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً): ما نهاكم عما يضركم إلا لرحمته عليكم. وقيل: معناه: أنه أمر بني إسرائيل بقتلهم أنفسهم؛ ليكون توبة لهم وتمحيصاً لخطاياهم، وكان بكم ـ يا أمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرضا محمول على تفرقهما عن مجلس العقد متراضيين؛ فعلم أن التفرق الذي في الحديث "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا" تفرق فعلي عند الشافعي، وقولي عند أبي حنيفة، بأن يتركا كلام البيع، ويشرعا في كلام آخر.

قوله: (أو: لا يقتل الرجل نفسه) معطوف على "من كان من جنسكم"، وقول الحسن متفرع على الأول، وقول عمرو على الثاني.

قوله: (ما نهاكم عما يضركم إلا لرحمته عليكم) قال القاضي: جمع الله تعالى في التوصية بين حفظ النفس والمال الذي هو شقيقها من حيث إنه سبب قوامها استبقاء لهم ريثما تستكمل النفوس وتستوفى فضائلها رأفة بهم ورحمة، كما أشار إليه بقوله: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً).

قوله: (وقيل: معناه: أنه أمر بني إسرائيل بقتلهم أنفسهم) إلى آخره، يريد أن قوله: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) تعليل لقوله: (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ)، ولما نظر إلى مجيء (وَلا تَقْتُلُوا) [النساء: 29] عقيب آيات التوبة، وهي قوله: (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [النساء: 26]، (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) [النساء: 27] دعاه أن يحمل القتل على التوبة ويعلله بقوله: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً). والوجه الأول، وهو قوله: (وَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015