وعقود الربا. (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً) إلا أن يقع تجارة. وقرئ: (تجارة) على: إلا أن تكون التجارة تجارة (عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) والاستثناء منقطع. معناه: ولكن اقصدوا كون تجارة عن تراض منكم. أو: ولكن تجارة عن تراض غير منهي عنه. وقوله: (عَنْ تَراضٍ) صفة (لتجارة)، أي: تجارة صادرة عن تراض. وخص التجارة بالذكر، لأنّ أسباب الرزق أكثرها متعلق بها. والتراضي: رضا المتبايعين بما تعاقدا عليه في حال البيع وقت الإيجاب والقبول، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه اللَّه تعالى. وعند الشافعي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: (تِجَارَةً)) عاصم وحمزة والكسائي.
قوله: (والاستثناء منقطع) أي: على التقديرين. قال أبو البقاء: الاستثناء منقطع ليس من جنس الأول، وقيل: هو متصل؛ أي: لا تأكلوها بسبب إلا أن تكون تجارة، وهذا ضعيف؛ لأنه قال: (بِالْبَاطِلِ)، والتجارة ليست من جنس الباطل. وفي الكلام حذف مضاف، أي: إلا في حال كونها تجارة، و (تجارة) بالرفع: على أن "كان" تامة، وبالنصب على أنها الناقصة، أي: إلا أن تكون المعاملة أو التجارة تجارة، وقيل: التقدير: إلا أن تكون الأموال تجارة. وأما المصنف فبنى على التغاير بين الكلامين: نفياً وإيجاباً، وقدر "لكن"، فقوله تعالى: (لا تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) يقتضي إيجاب الأمر بعد "لكن"، ولهذا قال: "ولكن اقصدوا كون تجارة عن تراض" أو أن قوله: (إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) بدل بحسب المفهوم على أن عدم المراضاة منهي عنه؛ ومن ثم قدر: "ولكن كون تجارة عن تراض منكم غير منهي عنه"، فكأنه قيل: المنهي هو أن يكون التصرف بالباطل وعدم الرضا، لكن غير المنهي هو أن يكون التصرف بالحق وحصول المراضاة، هذا حاصل المعنى على التقديرين، لا بيان التقدير اللفظي.
قوله: (بما تعاقدا عليه) قيل: يعني أن الرضا عند أبي حنيفة هو رضا المتعاقدين وقت الإيجاب والقبول حتى لا يؤثر الندم بعد ذلك وإن كانا في مجلس العقد، وعند الشافعي: