لسيئاتكم؛ فيتوب عليكم ويكفر لكم، (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ): أن تفعلوا ما تستوجبون به أن يتوب عليكم، (وَيُرِيدُ) الفجرة (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً): وهو الميل عن القصد والحق ـ ولا ميل أعظم منه ـ بمساعدتهم وموافقتهم على اتباع الشهوات، وقيل: هم اليهود، وقيل: هم المجوس كانوا يحلون نكاح الأخوات من الأب وبنات الأخ وبنات الأخت، فلما حرمهنّ اللَّه قالوا: فإنكم تحلون بنت الخالة والعمة، والخالة والعمة عليكم حرام، فانكحوا بنات الأخ والأخت، فنزلت. يقول تعالى: يريدون أن تكونوا زناة مثلهم.

(يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) بإحلال نكاح الأمة وغيره من الرخصّ (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً): لا يصبر عن الشهوات وعلى مشاق الطاعات.

وعن سعيد بن المسيب: ما أيس الشيطان من بني آدم قط إلا أتاهم من قبل النساء،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) [النساء: 27] تكرير لقوله: (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ) [النساء: 26] للتأكيد، وقد قوبل بقوله: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) [النساء: 27]، وذلك هو الزيغ والميل عن الطريق القويم؛ فوجب أن يفسر المقابل بما يوافقه من الإرشاد إلى الصراط المستقيم، وإنما بني (وَاللَّهُ يُرِيدُ) على تقوي الحكم، وقدم الاسم، وفي المؤكد الفعل مقدم؛ ليفرق بين الإرادتين، أي: إرادة الله وإرادة الزائغين.

قوله: (بمساعدتهم وموافقتهم) يتعلق بقوله: "وهو الميل"، وقوله: "ولا ميل أعظم منه" اعتراض.

قوله: (ما أيس الشيطان من بني آدم قط إلا أتاهم من قبل النساء)، إن قيل: إن ظاهر الاستثناء يوجب حصول يأس الشيطان من قبل إتيان النساء؛ لأن التقدير: ما أيس الشيطان في الأزمنة الماضية أبد الأزمان إتيانه النساء؛ لأن "قط" بمعنى "لابد" للماضي من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015