لإرادة التبيين، كما زيدت في: "لا أبالك"؛ لتأكيد إضافة الأب. والمعنى: يريد اللَّه أن يبين لكم ما هو خفي عنكم من مصالحكم وأفاضل أعمالكم، وأن يهديكم مناهج من كان قبلكم من الأنبياء والصالحين، والطرق التي سلكوها في دينهم؛ لتقتدوا بهم (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ): ويرشدكم إلى طاعاتٍ إن قُمتم بها كانت كفاراتٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أردت لكيما لا ترى لي عثرة ... ومن ذا الذي يعطى الكمال فيكمل

وقال صاحب "اللباب": إن اللام في: شكرت لزيد، مكملة للفعل. والمراد من التكميل غير التعدية لجعله الباء المكملة قسيماً لباءا لتعدية في قوله: الباء للإلصاق، وإما مكملة للفعل في نحو: مررت بزيد. وقال الشارح: إذ معنى المرورـ وهو المجاوزةـ يقتضي متعلقاً، والباء تكميل لذلك المعنى، بخلاف التعدية، نحو: خرجت بزيد، فإن معنى الخروج لا يقتضي متعلقاً بل حصل اقتضاؤه المتعلق بحرف الجر فتلك هي المعدية.

قوله: (يريد الله أن يبين لكم ما هو خفي عنكم من مصالحكم وأفاضل أعمالكم) فيه إشعار بتلفيق الآيات اللاحقة بالسابقة؛ فإن السوابق كانت في بيان النساء والمناكحات، واللواحق في بيان الأموال والتجارات، وهي قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ) [النساء: 29]، فهذه الآيات التي توسطت بينهما كالتخلص من باب إلى باب لجامع التبيين.

قوله: (ويرشدكم إلى طاعات) إشارة إلى أن قوله: (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ) [النساء: 26] من وضع المسبب موضع السبب، وذلك من عطف (وَيَتُوبَ) على قوله: (وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) على سبيل البيان، كأنه قيل: ليبين لكم ويهديكم ويرشدكم إلى الطاعات، فوضع موضعه (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ). وإلى السبب الإشارة بقوله: "إن قمتم بها كانت كفارات لسيئاتكم فيتوب عليكم"، فقوله: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) [النساء: 27] وتفسيره إياه بقوله: "إن تفعلوا ما تستوجبون به" فجرى على هذه الطريقة؛ لأن قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015