وسع اللَّه على هذه الأمّة نكاح الأمة واليهودية والنصرانية وإن كان موسراً. وكذلك قوله: (مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) الظاهر أن لا يجوز نكاح الأمة الكتابية، وهو مذهب أهل الحجاز. وعند أهل العراق يجوز نكاحها، ونكاح الأمة المؤمنة أفضل، فحملوه على الفضل لا على الوجوب، واستشهدوا على أن الإيمان ليس بشرط بوصف الحرائر به، مع علمنا أنه ليس بشرط فيهن على الاتفاق، ولكنه أفضل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزجاج: إن الطول: القدرة على المهر. وقد قيل: هو الغنى فيصير إلى الأول، ومنهم من فسر الطول بكون الحرة تحته، وفيه نظر. ومحل (أَن يَنكِحَ) النصب أو الجر على حذف الجار أو إضماره، وهو "على" أو "إلى"، ونظيره: (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ) [الممتحنة: 10]. والإضمار قول الخليل، وإليه ذهب الكسائي. وعن الشعبي: إذا وجد الطول إلى الحرة بطل نكاح الأمة فعداه بـ "إلى". وكذا عن ابن عباس وجابر وسعيد بن جبير: لا يتزوج الأمة من لم يجد طولاً إلى الحرة. وأما قولهم: طول الحرة فمتسع فيه. تم كلامه.
قوله: (وكذلك)، أي: كما أن قوله: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ) ظاهر فيما مر، كذلك قوله: (مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ) ظاهر في أنه لا يجوز نكاح الأمة.
قوله: (بوصف الحرائر به)، أي: بالإيمان، يعني: واستشهدوا لدعواهم بوصف الحرائر في قوله تعالى: (أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ) فإن الوصف بالمؤمنات هنا ليس إلا لعلة الأفضلية اتفاقاً، وكذا في قوله: (مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ) قياساً عليه. والجواب: أن الأصل في أمثال هذه الصفات اعتبار فائدة التقييد بالصفة، وهو التخصيص، إلا أن يمنع مانع كما في (الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ)، وهو قوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ