وعن السُّديِّ قالَ الكافرون: إنْ كانَ محمدٌ صادقًا فليُخبرْنا مَن يؤمنُ منّا ومَن يكفُر. فنَزَلتْ.

(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) 180].

(وَلَا يَحسَبَنَّ) مَن قرأَ بالتاء قَدّر مُضافا محذوفًا، أي: ولا تَحْسِبنَّ بُخلَ الذين يَبْخَلون هو خيراً لهم. وكذلك من قرأَ بالياءِ وجَعَلَ فاعلَ (يَحْسَبَنَّ) ضميرَ رسولِ اللَّه، أو ضميرَ أحَدٍ، ومَن جَعَلَ فاعِلَه (الَّذينَ يَبْخَلُونَ) كانَ المفعولُ الأوّلُ عنده محذوفًا تقديره: ولا يحسبنَّ الذين يَبْخلون بُخْلَهم هُوَ خَيْراً لَهُمْ والذي سوَّغ حَذْفَه دلالةُ (يَبْخَلُونَ) عليه،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ((وَلا يَحْسَبَنَّ) من قرأ بالتاء): حمزة، والباقون: بالياء التحتانية. قال الزجاج: من قرأ بالياء: الاسم محذوف، المعنى: لا يحسبن الذين يبخلون البخل هو خيراً لهم، وهو كما تقول: من كذب كان شراً له.

وعن المصنف: إنما يجوز حذف أحد مفعولي "حسب" إذا كان فاعل "حسب" ومفعولاه شيئاً واحداً في المعنى، كقوله تعالى: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً) [آل عمران: 169] على القراءة بالياء التحتانية، أي: لا يحسبن الذين قتلوا أنفسهم أمواتاً، وإنما حذفت لقوة الدلالة، وما نحن بصدده ليس كذلك، فلابد من التأويل، وذلك أن الموصولة اشتملت على (يَبْخَلُونَ)، فالفاعل مشتمل على معنى البخل، فكأن الجميع في حكم معنى واحد، ولذلك حذف، وإليه الإشارة بقوله: "والذي سوغ حذفه دلالة (يَبْخَلُونَ) عليه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015