اللام لتأكيد النفي، (عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) من اختلاط المؤمنين الخلص والمنافقين، (حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ): حتى يعزل المنافق عن المخلص. وقرئ: يميز. من ميز. وفي رواية عن ابن كثير: يميز، من: أماز بمعنى ميز. فإن قلت: لمن الخطاب في: (أَنْتُمْ)؟ قلت: للمصدّقين جميعاً من أهل الإخلاص والنفاق، ........

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للعطف حينئذ، وهذه القراءة شاذة، ومع ذلك غير مخالفة لمذهب أهل السنة، وتقريرها: أنها جارية على البعث على التفكر والنظر، فالمعنى: لا يحسبن الذين كفروا أن مطلق الإملاء في حقهم لأجل الازدياد في الإثم والانهماك في الشر فقط حتى يسارعوا في الكفر والإضرار بنبي الله فيهلكوا، بل قد يكون الإنظار للنظر المؤدي إلى الإنصاف، فيتداركهم الله بلطفه بالتوبة والدخول في الإسلام فيفلحوا، قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) [فصلت: 53]، ونحوه قوله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ): إنهم إذا نظروا إلى هذا الكلام المنصف تركوا العناد وأنصفوا من أنفسهم. والفرق بين القولين: أن إملاء الله على قولهم مقصور على إرادة التوبة مراعاة للأصلح، وعلى قولنا: الإرادة كما تتعلق بالتوبة تتعلق بازدياد الإثم.

قوله: (وقرئ: "يميز"): حمزة والكسائي، و"يميز" من: أماز، شاذة. قال الواحدي: في "يميز" قراءتان: التشديد والتخفيف، وهما لغتان، يقال: مزت الشيء بعضه من بعض، فأنا أميزه ميزاً، وميزته تمييزاً، ومنه الحديث: "من ماز أذى من الطريق فهو له صدقة".

قوله: (للمصدقين جميعاً) فسر المؤمنين بالمصدقين؛ لأن الذي يترتب عليه التمييز هو ما اشتملت عليه الصدور من الإيمان: الحقيقي والمجازي، قال الواحدي: المعنى: ما كان ليذركم يا معشر المؤمنين على ما أنتم عليه من التباس المنافق بالمؤمن، والمؤمن بالمنافق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015