وعن عروة بن الزبير قال: قالت لي عائشة رضي اللَّه عنها: «إن أبويك لمن الذين استجابوا للَّه والرسول. تعنى: أبا بكر والزبير. (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ): روى أنّ أبا سفيان نادى عند انصرافه من أحد: يا محمّدُ موعِدُنا موسم بَدْرٍ لقابلٍ إنْ شئت. فقال صلى اللَّه عليه وسلم: إن شاء اللَّه فلمّا كان القابلُ خرج أبو سُفيان في أهل مكة حتى نزل مر الظهران، فألقى اللَّه الرعب في قَلْبِه فبدا له أن يرَجِعَ، فلَقِيَ نعيم بن مسعود الأشجعي وقد قَدِمَ معتمراً فقال: يا نعيم، إني واعدت محمداً أن نلتقي بموسم بدر، وإن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن، وقد بدا لي، ولكن إن خرج محمد ولم أخرج زاده ذلك جرأة، فالحق بالمدينة فثبطهم ولك عندي عشر من الإبل، فخرج نعيم فوجد المسلمين يتجهزون، فقال لهم: ما هذا بالرأي. أتوكم في دياركم وقراركم فلم يفلت منكم أحد إلا شريداً، فتريدون أن تخرجوا وقد جمعوا لكم عند الموسم؟ ! فو اللَّه لا يفلت منكم أحد. وقيل: مرّ بأبي سفيان ركب من عبد القبس يريدون المدينة للميرة، فجعل لهم حمل بعير من زبيب إن ثبطوهم، فكره المسلمون الخروج.
فقال صلى اللَّه عليه وسلم: والذي نفسي بيده لأخرجن ولو لم يخرج معي أحد"، فخرج في سبعين راكبا وهم يقولون: حسبنا اللَّه ونعم الوكيل ـ وقيل: هي الكلمة التي قالها إبراهيم صلوات الله عليه حين ألقي في النارـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إن أبويك لمن الذين استجابوا لله ... ، تعني: أبا بكر والزبير)؛ لأن أمه أسماء بنت أبي بكر، روينا عن البخاري ومسلم، عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ) الآية، قالت لعروة: كان أبواك منهم؛ الزبير وأبو بكر رضي الله عنهما، لما أصاب نبي الله ما أصاب يوم أحد فانصرف عنه المشركون، خاف أن يرجعوا، فقال: "من يذهب في أثرهم؟ "، فانتدب منهم سبعون رجلاً، فيهم أبو بكر والزبير.