كما جاء في الحديث «جاء يوم القيامة يحمله على عنقه» وروى: «ألا لا أعرفنّ أحدكم يأتي ببعير له رغاءٌ وببقرة لها خُوارٌ وبشاةٍ لها ثًغاءٌ، فينادى: يا محمد، يا محمد، فأقول: لا أملك لك من اللَّه شيئًا فقد بلغتك» وعن بعض جفاة العرب أنه سرق نافجة مسكٍ، فتليت عليه الآية، فقال: إذن أحملها طيبة الريح خفيفة المحمل. ويجوز أن يراد: يأتي بما احتمل من وباله وتبعته وإثمه فإن قلت: هلا قيل: ثم يوفى ما كسب، ليتصل به! قلت: جيء بعامّ دخل تحته كل كاسب من الغال وغيره فاتصل به من حيث المعنى، وهو أبلغ وأثبت؛ لأنه إذا علم الغال أن كل كاسب خيراً أو شراً مجزي فموفى جزاءه؛ علم أنه غير متخلص من بينهم مع عظم ما اكتسب.

(وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي: يعدل بينهم في الجزاء، كلٌّ جزاؤه على قدر كسبه.

(هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (163) لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) 163 ـ 164].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث، وعن الترمذي وأبي داود: "فوالذي نفسي بيده، لا يأخذ أحد منه شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر" الحديث.

قوله: (لا أعرفن) من باب قولهم: لا أرينك ها هنا.

قوله: (إذن أحملها طيبة الريح) لابد أن يكفر القائل؛ لأنه إما قالها تهكماً أو استخفافاً وقلة مبالاة بالمطلوب، أو تحقيراً للذنب، ولا ينبغي أن يذكر أمثال هذه الهنات في تفسير كلام الله المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.

قوله: (فاتصل به من حيث المعنى، وهو أبلغ وأثبت). قلت: لأن الكناية أبلغ من التصريح؛ لأنها كدعوى الشيء بالبينة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015