كما روي: أنّ قطيفة حمراء فقدت يوم بدر، فقال بعض المنافقين: لعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أخذها. وروي: أنها نزلت في غنائم أحد، حين ترك الرماة المركز، وطلبوا الغنيمة وقالوا: نخشى أن يقول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: من أخذ شيئا فهو له وأن لا يقسم الغنائم كما لم يقسم يوم بدر، فقال لهم النبي صلى اللَّه عليه وسلم: (ألم أعهد إليكم أن لا تتركوا المركز حتى يأتيكم أمرى) فقالوا:
تركنا بقية إخواننا وقوفاً، فقال صلى اللَّه عليه وسلم: (بل ظننتم أنا نغل ولا نقسم لكم).
والثاني: أن يكون مبالغة في النهي لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على ما روي: أنه بعث طلائع فغنمت غنائم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وأن لا يقسم الغنائم كما لم يقسم يوم بدر) مخالف لما رواه في سورة الأنفال: عن عبادة بن الصامت: نزلت فينا يا معشر أصحاب بدر حين اختلفنا في النفل، فنزعه الله من أيدينا وجعله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمه بين المسلمين على السواء، ولعله أراد بالغنائم الأنفال، وأن المراد ما قال أيضاً فيها: "النفل: ما ينفله الغازي، أي: يعطى زائداً على سهمه من المغنم، وهو أن يقول الإمام تحريضاً على البلاء في الحرب: "من قتل قتيلاً فله سلبه"، أو قال لسرية: ما أصبتم فهو لكم، أو: فلكم نصفه، أو ربعه".
قوله: (والثاني: أن يكون مبالغة في النهي) يعني: أجرى الخبري مجرى الطلبي مبالغة، الانتصاف: يشهد لورود هذه الصيغة نهياً مواضع من التنزيل: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى) [الأنفال: 67]، (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) [التوبة: 113]، (مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ) [الأحزاب: 53].