ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهي قوله: (هَلْ لَنَا مِنْ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ)، ظاهرها سؤال مسترشد، وفي الحقيقة سؤال منكر كما سبق، وقوله: (يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ): إخبار عن الظن الباطل، فبينهما اختلاف، فكيف صح أن يقعا بدلا ًومبدلاً منه؟ وأجاب: أن سؤالهم ذلك لما نشأ من الظن الفاسد، صح الإبدال، إذ لولا الظن الفاسد لما أظهروا الاسترشاد وأبطنوا النفاق، فكان قولهم: هل لنا من الأمر شيء لذلك بدل اشتمال من قوله: (يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ).
وقريب منه قول صاحب "الفرائد": يمكن أن يقال: معنى سؤالهم الإنكار، فكأنهم يقولون: ما لنا من الأمر شيء، لأنه ليس قصدهم فيما سألوا أن يبين لهم، فكأنه قيل: يظنون وينكرون.
ووجدت في الحواشي: بيان تقدير السؤال وهو أن يقال: إن قوله: (يَقُولُونَ هَلْ لَنَا): تفسير لـ (يَظُنُّونَ)، وترجمة له، والاستفهام لا يكون ترجمة للخبر، لا يصح أن يقال: أخبرني زيد قال لي: لا تذهب؟ وكذلك كل ما لا طباق فيه، كما لو قال: نهاني قال لي: اضرب، أو أمرني قال لي: لا تضرب.
قلت: هذا ليس بشيء؛ لأن الجواب لا ينطبق عليه، على أن البدل هو (يَقُولُونَ)، والسؤال مقول، على أن صاحب "المفتاح" جعل قوله تعالى: (قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ) [طه: 120] بياناً لجملة قوله: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ)، والبدل في الحقيقة بيان كما سبق مراراً، وأيضاً ناقص، حيث قال: والاستفهام لا يكون ترجمة للخبر، وعلام بنى كلامه؟ على عدم الطباق بين الأمر والنهي، وعكسه يجوز أن يقال: نهاني قال لي: لا تضرب، أو: أمرني قال لي: اضرب، وإحدى الجملتين إخباري والأخرى إنشائي، وقيل أيضاً: في قوله: "كيف صح أن يقع ما هو مسألة عن الأمر بدلاً من الإخبار؟ " نظر، إذ لم تقع المسألة عن الأمر بدلاً من الإخبار بالظن، بل وقع الإخبار عن المسألة بدلاً من الإخبار بالظن، إذ (يَقُولُونَ): بدل من (يَظُنُّونَ).