وعن سعيد بن جبير رحمه اللَّه: ما سمعنا بنبيّ قتل في القتال. والربيون: الربانيون. وقرئ بالحركات الثلاث،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال صاحب "المرشد": من قرأه (قتل) بالتخفيف فله وجهان: أحدهما: أن يكون الفعل واقعاً على النبي، أي: كم من نبي قتل ومعه ربيون كثير فما وهنوا بعد قتله، ولكنهم ثبتوا على الحق، وهذا وجه يختاره كثير من أهل العلم، والزجاج، وإنما قيل للمسلمين هذا لأنهم لما توهموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل انكسرت قلوب بعضهم وضعفوا.
وثانيهما: أن الفعل واقع على "الربيون"، كأنه قيل: كم من نبي قتل ربيون معه، فما وهن من بقي منهم وما ضعفوا، أي: ما فتروا وما جبنوا عن قتال عدوهم.
وقلت: الوجه الأول أقرب إلى معنى التعريض الذي ذكره المصنف.
الراغب: قيل: (قَاتَلَ) مسنداً إلى ضمير النبي، (و (مَعَهُ رِبِّيُّونَ): استئناف في موضع الحال، وقال الحسن: ما قتل نبي في حرب قط، وقال بعضهم ما قال الحسن: وإن صح فإنه لا ينفي أنه قتل في غير حرب، وقيل: مسنداً إلى (رِبِّيُّونَ) أي: قتل جماعة منهم فمل يهن الباقون، ومن قرأ (قَاتَلَ) فيحتمل الوجهين، والوهن: ضعف من حيث الخلق أو الخلق، والفرق بين الوهن والضعف أن الوهن: اختلال يعتري الإنسان، ويضاده الشدة، والضعف: اختلال ينقصه وتضاده القوة، والاستكانة: الخشوع والتضرع للمخافة. والقتل: إزالة الروح عن الجسد كالموت، لكن إذا اعتبر بفعل المتولي لذلك يقال: قتل، وإذا اعتبر بفوت الحياة، يقال: موت، قال تعالى: (أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ).
قوله: (ما سمعنا بنبي قتل في القتال) استشهاد لأن الفاعل (رِبِّيُّونَ).
قوله: (وقرئ بالحركات الثلاث): الكسر: للسبعة، والفتح والضم شاذان.