ملك الموت هو الموكل بذلك فليس له أن يقبض نفساً إلا بإذن من اللَّه. وهو على معنيين: أحدهما: تحريضهم على الجهاد، وتشجيعهم على لقاء العدوّ بإعلامهم أن الحذر لا ينفع، وأن أحداً لا يموت قبل بلوغ أجله وإن خوّض المهالك، واقتحم المعارك. والثاني: ذكر ما صنع اللَّه برسوله عند غلبة العدوّ والتفافهم عليه وإسلام قومه له، نهزة للمختلس من الحفظ والكلاءة وتأخير الأجل.

(وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) 145].

(كِتاباً) مصدر مؤكد؛ لأن المعنى: كتب الموت كتابا. (مُؤَجَّلًا): موقتًا، له أجل معلوم لا يتقدّم ولا يتأخر (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا) تعريض بالذين شغلتهم الغنائم يوم أحد. (نُؤْتِهِ مِنْها)، أي: من ثوابها،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذه الآية موقعها موقع التذييل للكلام السابق، فأخرجت مخرج المثل، فنسبتها إلى المؤمنين: التحريض والتشجيع على القتال والجهاد، ومن ثم قيل:

إذا كانت الأبدان للموت أنشئت .. فقتل امرئ في الله بالسيف أجمل

وإليه الإشارة بقوله: "تحريضهم على الجهاد" إلى آخره، وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم: الوعد بالحفظ وتأخير الأجل، وهو المراد بقوله: "ذكر ما صنع ... من الحفظ والكلاءة وتأخير الأجل".

قوله: (نهزة)، الأساس: وانتهز الفرصة: اغتنمها، وهذه نهزة فاختلسها، قيل: هي مفعول له من المصدر، وهو الإسلام، أو: حال من ضمير النبي صلى الله عليه وسلم، والمختلس: المستلب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015