يعني: حثهم على النظر في سوء عواقب المكذبين قبلهم، والاعتبار بما يعاينون من آثار هلاكهم. (وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) يعنى: أنه مع كونه بيانا وتنبيهاً للمكذبين فهو زيادة تثبيت وموعظة للذين اتقوا من المؤمنين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (حثهم على النظر في سوء عواقب المكذبين قبلهم)، وهذا يؤيد ما ذهبنا إليه من أن تلك الآيات واردة في الترهيب والترغيب لآكلي الربا، لأن المخاطبين بقوله: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ) هم الذين سبق خطابهم بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَاكُلُوا الرِّبَا)، وذلك أنه تعالى بعد ما حذرهم عن النار المعدة للكافرين، وأمرهم بالمسارعة إلى نيل درجات الفائزين، بين لهم سوء عاقبة من كذب الأنبياء في ترهيبهم وترغيبهم، أي: إنذارهم وبشارتهم؛ لأنهم ما بعثوا إلا لهما، فعلى هذا قوله تعالى: (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ) إشارة إلى ما لخص للمخاطبين من الترهيب والترغيب والبحث، وقوله: (قَدْ خَلَتْ) إلى قوله: (وَلا تَهِنُوا) كالتخلص من قصة آكلي الربا التي استطردت لذكر المحاربة إلى ما أجرى الكلام له من مجاهدة الكفار، وهذا أولى من جعلها معترضة؛ لأنها توجب أن تجعل الآيات كلها موافقة لها، لأن المعترضة مؤكدة للمعترض فيه بأن يقال: إن تلك الآيات دلت على الترهيب والترغيب، وهذه الآية دلت على الترهيب، ومعنى الترهيب راجع إلى الترغيب بحسب التضاد، كما أن بعض الآيات الواردة في الرحمن للوعيد تعد من الآلاء بحسب الزجر عن المعاصي، وذلك تعسف.

قوله: (مع كونه بياناً وتنبيهاً للمكذبين) إشارة إلى أن المراد بالناس: المكذبون المخاطبون بقوله: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ)، لا الذين سبق ذكرهم، والأولى أن يراد به الجنس، أي: بيان لجميع الناس، لكن المنتفع به المتقون لأنهم يهتدون به وينتجعون بوعظه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015